الطريق الواحد الذي يصل بالإنسان إلى الله في كل مراحله المتنوعة.
وقد عرّفوا الناس هذه الحقيقة الواحدة التي وحدت بينهم عند ما التقى الخط عندهم على الدعوة إلى عبادة الله وحده التي تختصر كل تفاصيل الرسالات.
فكان من المفروض لأتباعهم أن يستجيبوا لهم في حركة الوحدة الإنسانية على خط الرسالات التي جاء بها الرسل ، وأن تكون وحدة الأتباع من خلال وحدة المتبوعين ، ولكن المشكلة أن الله لم يخلق الناس على طريقة واحدة ومزاج واحد وذهنية واحدة ، لأن طبيعة اختلافهم في مواقعهم ومؤثراتهم وأوضاعهم ، تؤدي إلى اختلاف الأفكار ، وتنوّع المصالح ، وانحراف السلوك ، وطغيان المنافع والمطامع ، فلا تكون الرسالة هي العنوان الكبير لالتزاماتهم ، بل تكون الذات هي الخلفية اللاشعورية أو الشعورية لتصرفاتهم ، فيجعلون الدين وسيلة من وسائل تحقيق مآربهم ، فتشتد الحساسيات وتصطدم المصالح وتضرى الأنانيات التي تطلّ بهم على ساحة القتال الذي يتحرك بضراوة ، لأن ما يختلفون فيه ، وهو الدين ، يمثل معنى القداسة العميق في عمق الذات ، مما يجعل حرارة التحرك باسمه أكثر تأثيرا من أيّ موقع أو فكر آخر ، ولم يعطّل الله فيهم هذه الحالة الإنسانية المتحركة في اندفاع الغرائز الذاتية التي لا يخضع فيها الإنسان لعامل واحد ، ولوجه واحد ، بل يخضع لتأثيرات أكثر من عامل في أكثر من وجه ، مما يدخل في تنوّع موارد الحياة ومصادرها في حركة الإنسان في داخلها وخارجها ، ويحقق لها الإيجابيات الكبيرة إلى جانب السيئات ، فإذا كان هذا الاختلاف سلبيا في جانب ، فإن له أكثر من إيجابية في الجوانب الأخرى التي يتنوع فيها الإنسان تبعا لتنوع حاجاته ومطامعه وتطلعاته وأفكاره.
وهكذا أراد الله للرسالات أن تنطلق من موقع الرسل الذين يبلغونها من