أو مظهر ريبة وتشكيك يبحث عما يؤكد شكّه ، أو ما يزيله؟! والذي نفهمه هو أنّ الآية لا تحدّد شيئا من هذا أو ذاك ، لأن القصة في ما توحيه ، لا تتأثر بشيء منهما ، ولهذا ، فلا مجال لإطالة الحديث في ذلك.
هذا من ناحية طبيعة الآية في مدلولها اللفظي ، ولكن هناك نقاطا توحي بأن هذا الرجل كان نبيا أو عبدا صالحا مقرّبا إلى الله ، فقد روي عن الإمام أبي عبد الله جعفر الصادق عليهالسلام أنه (عزير) وروي عن علي عليهالسلام ـ كما في مجمع البيان ـ أن عزيرا خرج من أهله وامرأته حامل وله خمسون سنة ، فأماته الله مائة سنة ، ثم بعثه ، فرجع إلى أهله ابن خمسين سنة له ابن له مائة سنة فكان ابنه أكبر منه ، فذلك من آيات الله ، وقيل : إنه رجع وقد أحرق بختنصر التوراة ، فأملاها من ظهر قلبه (١). وقيل : هو (إرميا) عن وهب ، وهو المروي عن أبي جعفر محمد الباقر عليهالسلام وقيل : هو الخضر ، عن ابن إسحاق (٢).
وذكر البعض وجوها في تأكيد نبوّته أو إيمانه بالدرجة العليا منه ، أوّلا ، لأنه كان ممن يوحى إليه بقرينة تكليم الله له في قوله : (كَمْ لَبِثْتَ) وثانيا : قوله : (وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ) مما يوحي بأنه من آيات الله للناس ، وهذه هي صفة الأنبياء الذين يقدمون أمام نبوتهم آية للناس ليؤمنوا بها. وثالثا : قوله : (أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) مما يوحي بأنه رجوع إلى علمه السابق.
ولكن هذه الوجوه الاستيحائية لا تدل على ذلك :
أما الأول ، فلأنه لم يعلم أن هذا القول من الله ، فقد ذكر صاحب مجمع البيان أنه سمع نداء من السماء : كم لبثت ، يعني في مبيتك
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ١ ، ص : ٤٧٨.
(٢) م. ن ، ج : ١ ، ص : ٤٧٧.