الذي يعيش هموم المجتمع ، بحيث يشعر أنها همومه الذاتية ، ويتحمل مسئوليته ، في قضاياه الاجتماعية ، على أساس أنها مسئوليته في قضاياه الخاصة ، ليتم الاندماج بين الشخصية الفردية والشخصية الاجتماعية في عملية تكامل إنساني روحي عملي. ولهذا كان العطاء الذي يتمثل في روح الإنفاق ، يحقق للإنسان هذه الشخصية ، الأمر الذي يجعل القيمة للمبدأ بدلا من أن يجعلها للمقدار ، وهذا هو ما نفهمه من الآيات الآتية التي تحدثت عن الثواب من خلال المبدأ والنوعية في الإنفاق ، ولم تتحدث عنه من حيث المقدار والكمية ، كما أثارت موضوع المضاعفة للثواب من دون تحديد ، للإيحاء بتصاعد القيمة النوعية للإنفاق الذي يستوجب التصاعد في الثواب والقرب من الله.
وإذا كانت قيمة الإنفاق تتمثل في هذا الجو الروحي والعبادي والاجتماعي ، فلا بد من أن يكون متحركا في خط المفاهيم الإسلامية التي يعيشها الإنسان المسلم في حياته العامة ، لأن ذلك هو الذي يحقق الهدف في تربية الشخصية الإسلامية ونموّها الروحي والعملي. ولهذا أكّدت الآيات على خط سبيل الله الذي يمثل الأعمال والأجواء والأهداف التي يحبها الله ويرضاها ويريد للإنسان أن يحققها ويحياها ، فالإنفاق في الجهاد سبيل من سبل الله ، لأن الجهاد فرض فرضه الله على عباده ، والإنفاق في سبيل رفع المستوى الثقافي والصحي والاجتماعي والديني لعباد الله سبيل من سبل الله ، لأن الله أراد للإنسان أن ينفع عباده في ما يملكه من طاقات ، والإنفاق في سبيل إعانة السائل والمحروم واللهفان ، هو سبيل من سبل الله ، لأن الله أراد للإنسان أن يحمل همّ الضعيف والمحروم والملهوف. وهكذا يتسع سبيل الله ليشمل كل عمل خير ينفع البلاد والعباد في شؤون الدنيا والآخرة.
إن التأكيد على خط سبيل الله ، يمثل الفكرة التي تربط القيمة الإنسانية في العمل الإنساني بالخط الذي يتحرك فيه العمل ، لا في ذات العمل بعيدا