علامات يعرفونها بها (أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ) ويرعاها ويحفظها ويربيها بعد أن فقدت أباها وأمها ، (وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ) فقد كان التنافس بينهم شديدا حتى بلغ حدّ الخصومة ، لأن الظاهر أن كفالة مريم كانت تمثل لهم امتيازا يمنحهم الشرف ، وينفتح بهم على الخير ، وهكذا كانت النتيجة خروج القرعة على اسم زكريا عليهالسلام ، الذي أراد الله له أن يكون الكفيل لمريم عليهاالسلام ، لأنّه يمثل الإنسان ـ النبي الصالح الذي يمكن أن يحقق لها النمو الطبيعي والتربية الصالحة.
* * *
شرعية القرعة
وقد نستفيد من هذه الآية شرعية القرعة كحلّ للمنازعات التي قد تحدث بين الناس إذا لم يكن هناك أساس معتبر للجدّ ، أو فرصة مناسبة للتفضيل في الواقع ، وأريد العدل في التحديد أو في القسمة بحسب حالة النزاع التي لم يتفق فيها الأشخاص المعنيّون على شيء معين بالتفاهم والتوافق ، كما في هذه القضية التي وقعت موضعا للخصومة الشديدة ، فلم يجد القوم سبيلا للوفاق إلّا الأخذ بالقرعة التي ارتضوا بها باعتبار أنها الطريقة المعروفة لديهم في مثل هذه الأمور. وهذا هو ما حدث ليونس عند ما اقترع الركاب في السفينة لتحديد الشخص الذي يقدّم للحوت الذي يهدّد السفينة بالغرق إلا إذا قدّم إليه أحدهم ليلتقمه ؛ وذلك هو قوله تعالى : (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) [الصافات : ١٤١]. وروي أن النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم اقترع بين نسائه عند ما كان يريد السفر لاختيار واحدة منهن لصحبته ، كما أنه أمر بها في بعض الموارد ، وقد أقرّها علماء الإمامية من ناحية المبدأ ، استنادا إلى ما ورد في الكتاب والسنة ، وما أثر عن الأئمة من أهل البيت عليهمالسلام في ذلك ، فقد ورد عن محمد بن حكيم قال : سألت أبا الحسن موسى الكاظم عليهالسلام عن شيء فقال : «كل مجهول ففيه القرعة ، قلت له : إن القرعة تخطئ وتصيب ، فقال : كل ما حكم