أنزله الله على موسى عليهالسلام ، فتفرق الناس من بني إسرائيل في تفاصيله ؛ وليحل لهم بعض الذي حرّم عليهم ، وليتحرك بهم في خط التغيير الرساليّ للحياة لتكون على الصورة التي يرضاها الله وليكونوا أنصاره إلى الله في الرحلة الطويلة التي تمثل مرحلة من مراحل مسيرة الأنبياء في مدى الحياة. (وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً) معطوف على قوله : (ثُمَّ يَقُولَ) على قراءة النصب ، فلا يمكن للنبي الذي أرسله الله أن يأمر باتخاذ الملائكة أربابا كما نسب إلى بعض الناس ، أو يدعو إلى اتخاذ النبيين أربابا كما هو الحديث عن أن عزيز ابن الله أو أن المسيح هو الله أو ابن الله (أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ) المتمثل بالدعوة إلى عبادة غير الله (بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) مما تقودكم إليه الفطرة التي تفتح عقولكم وقلوبكم على توحيد الله ، فيقف بينكم وبين فطرتكم حاجزا يبعدكم عن الإسلام التوحيدي الذين هو دين الله في جميع رسالاته ؛ فإن الله لا يبعث من ينحرف بالناس عن فطرتهم التي فطر الناس عليها ، بل يبعث من يقوّيها ويدعمها ويحرّك فيها كل المفردات التي تجعل الإنسان مستقيما على درب التوحيد في فكره وعمله.
* * *
الفكرة في خط التربية الإسلامية
وقد نحتاج إلى استيحاء هذا الأسلوب التربوي في دراستنا وأبحاثنا التي ندرس فيها حياة الأنبياء والأئمة والأولياء ، فنستغرق في الجوانب العملية من حركة الإسلام في حياتهم الشخصية والعامة ، لنبقى في خط الارتباط بالشخص من خلال الفكرة والرسالة والعمل ، فيزيدنا ذلك ارتباطا بالخط الصحيح ، وابتعادا عن مواطن الخطأ والضلال في الطريق ، ولا نستغرق في الأسرار الخفيّة الغامضة التي يثيرها البعض في حديثه عن هذه الشخصية أو تلك ممن نعظّم من شخصيات الأنبياء والأولياء ، لأن الاستغراق في الجوانب الضبابية الغامضة التي