فصل :
في شرح ما بيّنا من
وجوه إعجاز القرآن
فأما الفصل الذي بدأنا بذكره من الإخبار عن الغيوب ، والصدق ، والإصابة في ذلك كله ، فهو كقوله تعالى : (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ) (١) فأغزاهم أبو بكر (٢) ، وعمر (٣) رضي الله عنهما ، إلى قتال العرب والفرس والروم.
وكقوله : (الم ، غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ فِي بِضْعِ سِنِينَ) (٤) ، وراهن أبو بكر الصديق رضي الله عنه في ذلك ، وصدق الله وعده.
وكقوله في قصة أهل بدر : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) (٥) وكقوله : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ) (٦).
وكقوله : (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ) (٧) في قصة أهل بدر وكقوله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً) (٨) وصدق الله تعالى وعده في كل ذلك ، وقال في قصة المتخلفين عنه في غزوته : (لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ
__________________
(١) آية (١٦) سورة الفتح.
(٢) سبقت ترجمته.
(٣) سبقت ترجمته.
(٤) آية (١ : ٤) سورة الروم.
(٥) آية (٤٥) سورة القمر.
(٦) آية (٢٧) سورة الفتح.
(٧) آية (٥) سورة الأنفال.
(٨) آية (٥٥) سورة النور.