فصل :
في ذكر البديع من الكلام
إن سأل سائل فقال : «هل يمكن أن يعرف إعجاز القرآن من جهة ما يتضمنه من البديع؟».
وقيل : ذكر أهل الصنعة ومن صنّف في هذا المعنى من صفة البديع ألفاظا نحن نذكرها ، ثم نبين ما سألوا عنه ، ليكون الكلام واردا على أمر مبيّن مقرر ، وباب مصور.
ذكروا أن من البديع في القرآن قوله عز ذكره : (وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ) (١) وقوله : (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) (٢) وقوله : (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) (٣) وقوله : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ) (٤) وقوله : (أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ) (٥) وقوله : (نُورٌ عَلى نُورٍ) (٦).
وقد يكون البديع من الكلمات الجامعة الحكيمة كقوله : (وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ) (٧) وفي الألفاظ الفصيحة كقوله : (فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا) (٨) وفي الألفاظ الإلهية كقوله : (وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ) (٩) وقوله : (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ) (١٠) وقوله : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) (١١).
ويذكرون من البديع قول النبي صلىاللهعليهوسلم : (خير الناس رجل ممسك عنان فرسه في سبيل
__________________
(١) آية (٢٤) سورة الإسراء.
(٢) آية (٤) سورة الزخرف.
(٣) آية (٤) سورة مريم.
(٤) آية (٣٧) سورة يس.
(٥) آية (٥٥) سورة الحج.
(٦) آية (٣٥) سورة النور.
(٧) آية (١٧٩) سورة البقرة.
(٨) آية (٨٠) سورة يوسف.
(٩) آية (٩١) سورة النمل.
(١٠) آية (٥٣) سورة النحل.
(١١) آية (١٦) سورة غافر.