مناسبة النزول
جاء في أسباب النزول ـ للواحدي ـ عن عائشة في قوله تعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا) ، الآية قالت : أنزلت هذه في الرجل يكون له اليتيمة وهو وليّها ولها مال وليس لها أحد يخاصم دونها ، فلا ينكحها حبّا لمالها ويضر بها ويسيء صحبتها ، فقال الله تعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) ، يقول : ما أحللت لك ، ودع هذه. وقال سعيد بن جبير وقتادة والربيع والضحاك والسدّي : كانوا يتحرجون عن أموال اليتامى ويترخصون في النساء ويتزوجون ما شاؤوا ، فربما عدلوا وربما لم يعدلوا ، فلما سألوا عن اليتامى فنزلت آية اليتامى (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) الآية ، أنزل الله تعالى أيضا (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى) الآية ، يقول : كما خفتم ألّا تقسطوا في اليتامى ، فكذلك فخافوا في النساء أن لا تعدلوا فيهن ، فلا تتزوجوا أكثر ما يمكنكم القيام بحقهن ، لأن النساء كاليتامى في الضعف والعجز ، وهذا قول ابن عباس في رواية الوالبي(١).
* * *
تشريع تعدد الزوجات
قبل الدخول في الحديث عن الجوانب التشريعية التي تتعرض لها الآية في موضوع (تعدد الزوجات) ، لا بد لنا من الوقوف أمام بحث يتصل ببعض الجوانب الشكلية في طريقة تعبير الآية عن الفكرة. فقد أثير في كتب التفسير تساؤل كبير حول طبيعة الارتباط بين أوّل الآية وآخرها ، فإن الشرط
__________________
(١) الواحدي ، أبو الحسن ، علي بن أحمد ، أسباب النزول ، دار الفكر ، ١٤١٤ ه / ١٩٩٤ م ، ص : ٧٩ ـ ٨٠.