٤ ـ وقالوا : «نزلت في اليتيمة تكون عند الرجل ، هو وليّها ليس لها وليّ غيره ، وليس أحد ينازعه فيها ، ولا ينكحها لمالها ، فيضرّ بها ويسيء صحبتها» (١) ؛ فوعظ في ذلك.
فيكون معنى الآية : وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى ، اللائي أنتم ولاتهنّ ، فلا تنكحوهنّ وانكحوا ما أحلّ لكم ، لئلا تسيئوا صحبتهن أو تضرّوا بهن.
* * *
ولعل الأولى من هذه المعاني ، هو المعنى الثالث ـ كما ذكره الطبري في تفسيره ـ لأن السورة مسبوقة في بدايتها لحفظ مال اليتيم ، وعدم تبديل الطيب منه بالخبيث ، وعدم السيطرة عليه بالأكل والتملق ، كما مر في الآية السابقة. ولما كان ذلك يوحي بالتحرّج في أمر اليتامى والخوف من عدم العدل ، وذلك في ما دعا الله إليه من التقوى ، أراد أن يقارن ذلك بحالة مماثلة ، وهي سلوك الرجال مع النساء ، مما كان السلوك فيه جاريا على التساهل والابتعاد عن خط العدل ؛ ويوحي إليهم بأن التقوى التي تدفع إلى الخوف والحذر من التصرف في أمر اليتامى ، على أساس واقع الضعف الذي يتمثل في حياتهم ، هي نفسها التقوى التي تدفع إلى ذلك في أمر النساء ؛ فلا بد للإنسان أن يطلب العدل في علاقته بهنّ ؛ وذلك من خلال الضعف الطبيعي الذي يعانينه في واقع الحياة. وفي ضوء ذلك ينبغي للإنسان أن يدرس إمكانية العدل في التعدد حتى الأربع ؛ فإذا لم يستطع العدل أو خاف من عدمه ، فعليه أن يكتفي بواحدة. وربما كان منشأ هذا الالتباس الذي دعا
__________________
(١) (م. س) ، م : ٣ ، ج : ٤ ، ص : ٣١٢.