كيف نوازن بين هذه الآية وبين الآية التي تنفي إمكانية العدل؟
وقد يثأر أمامنا سؤال آخر : إن مقارنة هذه الآية بالآية الكريمة (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ) [النساء : ١٢٩] ، تؤدي إلى النتيجة التالية ، وهي أن الله ـ سبحانه ـ قد حرّم التعدد لأنه ربطه بشرط العدل الذي أفادت الآية الثانية عدم استطاعة الإنسان الوقوف عند خطه في ذلك ، حتى في حالات الحرص التام على القيام به ، مما يوحي بأن التشريع مقيّد بقيد لا يمكن أن يتحقق ، فيكون بمثابة الأسلوب اللبق في إلغاء الرخصة بطريقة غير مباشرة.
ونجيب عن ذلك :
أولا : بما ألمحنا إليه آنفا ، من أن الشرط وارد في مقام الاحتياط للوضع الشرعي والاقتصادي للإنسان ، وليس واردا مورد الإلزام القانوني.
وثانيا : إن العدل ، الذي أخذ شرطا في هذه الآية يراد به العدل في النفقة ، بينما يراد من العدل في الآية الثانية العدل في المحبة والميل القلبي ، وذلك من خلال قوله تعالى : (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ ...) فإنه يمثل النهي عن الانحراف مع الحالة العاطفية ، إلى المستوى الذي يصل إلى حدّ الهجران بحيث تصبح المرأة معلّقة ، لا مزوّجة ولا مطلّقة ؛ بل إن هذا التأكيد على طبيعة المدى ، الذي يجب أن تعيش معه العلاقة ، يمثل إقرارا بشرعية العلاقة. وقد ورد هذا التفريق في تفسير كلمة العدل في الآيتين ، في بعض كلمات أئمة أهل البيت عليهالسلام.
جاء في تفسير العياشي نقلا عن الميزان عن هشام بن سالم عن أبي