خلال الاعتداء على حرمة بيته وعباده. وهذا من الأمور الّتي يمكن للمؤمنين أن يلتزموها كخطّ ممتدّ للحياة ، في أجواء الاعتداء الَّذي يتعرضون له ، فقد يكون من الواجب عليهم التفريق بين الموارد الشخصية الّتي يملكون فيها حقّ الرد على المعتدي ، وبين الموارد العامة الّتي وضع الله فيها للنّاس حدودا ، فإنَّه لا يجوز رد الاعتداء بمثله ، كأن يضرب إنسانا قريبا لإنسان ، فيرد بضرب قريب الضارب ، لأنَّ الله يقول : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) [الأنعام : ١٦٤] إذ لا ذنب له ، فهو بريء ولا مبرّر لضربه لمجرد صلته بالمعتدي ، وهكذا يجب الوقوف عند حدود الله في حلاله وحرامه ، بعيدا عن الانفعالات العاطفى الّتي تدفع إلى انتهاك الحرمات الّتي لا يجيز الله للنّاس أن ينتهكوها ، حتّى إذا انتهك الآخرون حرمة مماثلة ، فلا يمثل ذلك حالة شخصية بل هي ملك لله ، وهذا ما يجعل للأسلوب الإسلامي في الممارسة شخصيته المستقلة الّتي لا تتأثر بردود الفعل ولا بأساليب الآخرين.
* * *
التعاون أساس تحقيق البر والتقوى في حياة النَّاس
(وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى) وهذا هو الشعار الإسلامي للحياة والنّاس ، المرتكز على البر الذي يمثل الخير في العقيدة والعمل. وذلك في ما توحيه الآية الكريمة : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [البقرة : ١٧٧] فإنَّها اعتبرت القاعدة الفكرية العقيدية مظهرا من مظاهر البر ، لأنَّ الانحراف عن الخط الصحيح ، والابتعاد عن القاعدة الصلبة