لبعض الملامح التشريعية لأعمال الطهارة والصلاة ... وتحركت ـ عبر خطوات العقيدة في الفكر والحياة ـ لتناقش أهل الكتاب وغيرهم في كل القضايا التي كانت محلا للنزاع والخلاف والتساؤل ، ولتناديهم والمؤمنين كي يستقيموا في خطا التصور والعمل ، فتعنف معهم تارة وتلين أخرى ، لأن القضية تتعلق بالجانب العميق من قاعدة الحياة ، لا بالقضايا الطارئة البسيطة التي تفرض نوعا من المجاملة في الأسلوب.
وأطلقت ـ بعد ذلك ـ للمؤمنين النداءات التي تحدد لهم خط الاستقامة في العقيدة والتشريع ، لتربطهم بحكم الله كأساس للإيمان والعدل والاعتدال ، ولتوحي إليهم بأنّ الله قد أكمل لهم الدين ، فلا مجال بعد ذلك لزيادة أو نقصان ، لأنّ الدين هو الحقيقة ، وهو الكلمة الإلهية الفاصلة ، وهو المنهج المعصوم الذي (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) [فصلت : ٤٢] فليس هناك فراغ ليملأه الآخرون وليس هناك خطأ ليصححه المتفلسفون ، (فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ) [يونس : ٣٢].
وهكذا نجد في هذه السورة النموذج الإسلامي الحي للخطوط العامة التي يراد من خلالها بناء الفرد والمجتمع والحياة الإسلامية على الأسس الفكرية والمفاهيمية والعقيدية والتشريعية للإسلام لنلتقي في حركة الحياة بالإنسان الذي يؤمن بالله من خلال الفكر والعقل ، ويتحرك في حياته من خلال الوحي ، وينطلق في شجاعة الموقف الفكري والعملي ، ليدعو الناس إلى الحوار ، ويتحدى الأفكار كلها بالحجة والبرهان ، ويحمل مسئولية الكون والحياة على أساس الإسلام الكامل الشامل ، الذي يخطط لكل حركة ، ويحتوي كل مشكلة ، ويفسح المجال أمامه لكل إبداع.
* * *