وكيف كان فقدح مثل هذا الضعف على تقديره في الحجية بمعزل عن التحقيق ، مع ما عرفت من عدم انحصار الدليل في هذه الرواية ؛ لحكاية الإجماعين المتقدم إليها الإشارة ، وكل منهما كرواية صحيحة حجة مستقلّة.
ولو سلّم التنزّل باحتمال توجّه القدح إليهما ، نظراً إلى ندرة القائل بهذا القول بين القدماء نقول : لا أقلّ من إفادتهما الشهرة بينهم ، وهي جابرة لسند الرواية ، أو عاضدة له ، فيخصّص بها الأصل ولو اعتضد بالشهرة المتأخّرة ؛ لأنّ الرواية خاصّة والأصل عام ، فلتكن عليه مقدّمة ، وقلّة القائل بحسب اطّلاعنا لا يوجب قلّته واقعاً.
وبهذا يذبّ عن التسليم ، ويرجع الإجماع إلى ما كان عليه واقتضت الأدلّة من حجيته على الإطلاق ، هذا.
مع أنّ الوهن بذلك يجبره أيضاً التعدّد في النقل ؛ لبعد الخطأ معه.
( و ) منها : ما دلّ على أنّه ( عشر سنين ) في الجملة ، كالصحيح : عن دارٍ كانت لامرأة وكان لها ابن ، فغاب الابن في البحر ، وماتت المرأة ، فادّعت ابنتها أنّ أُمّها صيّرت هذه الدار لها ، وباعت أشقاصها (١) منها ، وبقيت في الدار قطعة إلى جنب دار رجل من أصحابنا ، وهو يكره أن يشتريها ؛ لغيبة الابن ، وما يتخوّف أن لا يحلّ شراؤها ، وليس يعرف للابن خبر ، فقال : « ومنذ كم غاب؟ » قلت : منذ سنين كثيرة ، قال : « ينتظر به غيبته عشر سنين ، ثم تشترى » قلت : إذا انتظر به غيبته عشر سنين يحلّ شراؤها؟
__________________
(١) الأشقاص جمع الشقص ، وهو : النصيب في العين المشتركة من كل شيء. النهاية لابن الأثير ٢ : ٤٩٠ ، مجمع البحرين ٤ : ١٧٣.