مع أنّ الغصب من الأفعال المحرّمة بدليل العقل والآيات المتكاثرة والسنة المستفيضة ، بل المتواترة ، وإجماع الأُمّة المحقّق والمحكيّ في كلام جماعة (١) إلى حدّ الاستفاضة ، فلو صدق الغصب عليها حقيقةً لاستلزم حرمتها مع أنّها مقطوع بعدمها.
( و ) حيث قد عرفت اعتبار الاستقلال أو الاستيلاء في الغصب ظهر لك الوجه بعد ملاحظة الأصل أيضاً أنّه ( لا يضمن ) أحد وإن أثم ـ ( لو منع المالك من إمساك الدابّة المرسلة ) فتلفت ، لا عينها ولا منفعتها زمن المنع.
( وكذا ) لا يضمنهما ( لو منعه من القعود على بساطه ) والسكنى في داره فتلفا ؛ لما عرفت من الأصل ، وعدم صدق الغصب الموجب للضمان بالإجماع بناءً على فقد جزئه المفهوم منه لغةً وعرفاً هنا ، وهو إثبات اليد.
قيل : ويشكل بأنّه لا يلزم من عدم الغصب عدم الضمان ؛ لعدم انحصار السبب فيه ، بل ينبغي أن يختصّ ذلك بما لا يكون المانع سبباً في تلف العين بذلك بأن اتفق تلفها مع كون السكنى غير معتبرة في حفظها ، والمالك غير معتبر في مراعاة الدابّة كما يتّفق لكثير من الدور والدوابّ ، أمّا لو كان حفظه متوقّفاً على سكنى الدار وركوب الدابّة لضعفها أو كون أرضها مسبعة مثلاً فإنّ المتّجه الضمان ؛ نظراً إلى كونه سبباً قويّاً مع ضعف المباشر (٢).
__________________
(١) كالعلاّمة في التذكرة ٢ : ٣٧٣ ، والشهيد الأول في الدروس ٣ : ١٠٥ ، والشهيد الثاني في المسالك ٢ : ٢٥٣ ، و ٢٥٤ ، والروضة ٧ : ١٨.
(٢) قال به الشهيد الثاني في الروضة ٧ : ١٩.