إرادته التكوينية ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، بل يعني أن أجل الإنسان يخضع لعاملين ، أحدهما : ذاتي ، وهو الغاية التي يبلغها الجسد في إمكانيات البقاء من خلال الأجهزة الطبيعية المودعة فيه. وثانيهما : طارئ ، وهو الأسباب التي تعطل بعض هذه الأجهزة في منتصف الطريق فلا يتمكن معها من الاستمرار في البقاء ، ولكن الله يعرف واقع الأشياء قبل أن يخلقها ، فإنه يعلم ما ذا يحدث لها بعد أن تخلق ، ولهذا كان الأجل المسمى عنده هو الحالة التي يكون عليها الإنسان عند موته ، سواء كانت ذاتية أو طارئة.
وقد أكدت أحاديث أهل البيت عليهمالسلام على المعنى الثاني ، وهو الأقرب إلى الذهن عند قراءة الآية .. لأنه لو كان المعنى الأول هو المراد ، لم يكن منسجما مع الحقيقة الإيمانية القرآنية التي تقرر أن عمر الإنسان مما اختص الله بعلمه ، فلا يعلمه الناس إلا من طريقه .. وهذا هو ما جاءت به الآية الكريمة : (وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) [لقمان : ٣٤] فلا يبقى هناك فرق بين الساعة التي يموت فيها الإنسان في الدنيا ، وبين الساعة التي يبعث فيها في الآخرة ، والله العالم بحقائق آياته.
(ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ) أي تشكّون وترتابون مع دراستكم لهذا التنظيم الدقيق الذي يحكم حياتكم في بداية خلقكم وفي نهاية حياتكم .. فكيف ترتابون وأنتم تفكرون؟!
* * *
السيطرة المطلقة لله
(وَهُوَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ) لم تنطلق هذه الآية من مواجهة الفكرة الشركيّة التي تتحدث عنها الأساطير اليونانية والقصص الإغريقية من