أنّ لكل ظاهرة كونيّة أو حياتية إلها خاصا ، فللحرب إله ، وللسلم إله ، وللشجر إله ، وللماء إله ، وللحبّ إله ، وللسماء إله ، وللأرض إله .. بل انطلقت ـ والله العالم ـ لتقرير المعنى الذي يوحي بالسيطرة المطلقة لله على كل شيء ، من خلال المعنى الذي تتضمّنه الألوهية من سلطة ممتدّة إلى كل شيء ، في السماوات والأرض ، كما في قوله تعالى : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) [البقرة : ٢٥٥]. وبهذا تتحرك الفقرة الثانية : (يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ) في هذا الاتجاه ، لتؤكد الإحاطة بالإنسان في سرّه وعلانيته وجميع أعماله ، فيشعر الإنسان بالسيطرة الإلهية عليه من موقع سعة علمه لكل بواطنه وظواهره ومكتسباته ..
أمّا إيحاءات الآية ، فإن الفقرة الأولى ، توحي بالشعور بالعظمة المطلقة التي يحس الإنسان معها بالانسحاق أمام الله ، فيدفعه ذلك إلى الخضوع له في كل شيء. أمّا الفقرة الثانية فإنها توحي بالإحساس بالمراقبة الكلية المحيطة به من جميع الجوانب من قبل الله الذي يملك أمر حسابه وعقابه وثوابه ، فيدفعه ذلك إلى الانضباط في كل خطواته العمليّة في ما يأمره الله به أو ينهاه عنه ..
* * *