(مَكَّنَّاهُمْ) : التمكين : إعطاء ما به يصح الفعل كائنا ما كان من آلة وغيرها ، والإقدار : إعطاء القدرة خاصة.
(مِدْراراً) : غزيرة المطر ، يقال : درّت السماء : إذا نزل منها المطر بكثرة وغزارة ، فهي مدرار أي : كثيرة الدرّ. وأصل الدر : هو اللبن ، يقال : درّت الناقة إذا نزل من ضرعها اللبن غزيرا ويستعار ذلك للمطر ـ كما يقول الراغب (١) ـ استعارة أسماء البعير وأوصافه ، فقيل : لله درّه ، أي : عمله. وفي الذم : لا درّ دره ، أي : لا كثر خيره.
* * *
سلبية الكافرين في مواجهة الرسالات
وتلك هي مشكلة الكافرين ـ كما يصوّرها القرآن دائما ـ فهم يمارسون السلبيّة المطلقة أمام الفكر الحق الذي تقدمه الرسالات ، وذلك بالإعراض عنه وعن براهينه ودلائله وآياته من دون أساس ، وبذلك لم تكن قضية التكذيب به قضية فكر يناقشونه ويرفضونه ، بل هي قضية عقدة ذاتية ضد الأمور الجادّة في الحياة ، فيعملون على أن لا يلزموا أنفسهم بشيء من ذلك ، وذلك بأن لا يواجهوا الموقف بالجدية التي تفرض التأمّل والمحاكمة والاقتناع ، فلا يفتحون عيونهم على ما يحتاج إلى بصر ولا يوجهون أسماعهم إلى ما يحتاج إلى سمع ، ولا يطلقون عقولهم في ما يحتاج إلى تفكير. وهذا ما نزال نلاحظه لدى كثير من شباب الجيل الذين ينحرفون عن الخط دون أن يحاولوا التعرف على ملامحه ، وذلك بالاستجابة إلى القراءة والتأمل والحوار ، بل هم يتخذون بدلا من ذلك الموقف الذي يرفض بعض الأمور من دون دليل ، ويتقبل البعض الآخر من دون حجّة أو برهان.
__________________
(١) مفردات الراغب ، ص : ١٦٨.