بأرواح السامعين لأخبارهم فعلمه السامعون منهم باللمس أيضا وكذلك القول في السامع. فقيل له على هذا يلزمك إذا سمع أهل الجنة بالخبر عن أهل النار وما هم فيه من الصديد والزقّوم أن يكون أجزاء من أهل النار وأجزاء من زقّومهم وصديدهم قد انفصلت واتصلت بأبدان أهل الجنة في الجنة وإذا سمع أهل النار بالخبر عن أهل الجنة ونعيمهم أن يكون أجزاء من أهل الجنة قد انفصلت عنهم واتصلت بأبدان أهل النار فيكون بعض أبدان أهل الجنة في النار وبعض أبدان أهل النار في الجنة وهذا قول يليق بقائله وكفاه به خزيا.
المسألة العاشرة من الأصل الأول
في بيان مأخذ العلوم الشرعية
الأحكام الشرعية مأخوذة من أربعة أصول وهي : الكتاب والسنة والإجماع والقياس.
فالكتاب : هو القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وفيه عام وخاص ومجمل ومفسر ومطلق ومقيد وأمر ونهي وخبر واستخبار وناسخ ومنسوخ وصريح وكناية وفيه أيضا : دليل الخطاب ومفهومه وكل هذه الوجوه منه أدلة على مراتبها وإن كان بعضها في الاستدلال به على مدلوله أجلى من بعض. وما غمض منه وجه دلالته على الضعيف في نظره يعلمه المستنبط الموفق لقول الله عزوجل : (لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) (١).
وأما السنة التي يؤخذ عنها أحكام الشريعة فهي المنقولة عن النبي صلىاللهعليهوسلم إما بتواتر يوجب العلم الضروري كنقل أعداد الركعات وأركان الصلاة ونحوها ، وإما بخبر مستفيض يوقع العلم المكتسب كنقلهم نصب الزكاة وأركان الحج ، وإما برواية آحاد توجب روايتهم العمل دون العلم. ووجوه دلائل السنة على أحكام كوجوه دلائل القرآن من عام وخاص ومجمل ومفسر وصريح وكناية وناسخ ومنسوخ ودليل خطاب ومفهومه وأمر ونهي وخبر ونحوها.
__________________
(١) [سورة النساء آية ٨٤].