وأما الإجماع المعتبر في الحكم الشرعي فمقصور على إجماع أهل عصر من أعصار هذه الأمة على حكم شرعي فإنها لا تجتمع على ضلالة. وأما القياس في الشرعيات فإنما يستدرك به معرفة حكم الشيء الذي ليس فيه نص ولا إجماع على حكمه. وهذا النوع من القياس على أقسام :
أحدها : قياس جلي ، وهو الذي يكون فرعه أولى بحكمه من أصله كتحريم ضرب الأبوين لقياسه على ما حرّم الله عزوجل من قول الولد لهما أفّ.
والثاني : قياس في معرفة الأصل المقيس عليه من كل وجه كقياس العبد على الأمة في تنصيف الحد لتساويهما في الرّقّ وقياس الأمة على العبد في التّقوّم على أحد الشريكين إذا أعتق نصيبه منه وهو موسر وكما حرّم الله عزوجل البيع في وقت النداء للجمعة ، ثم قسنا عليه عقد الإجارة وسائر العقود في ذلك الوقت وليس الأصل في هذه الأحكام بأكثرهما شبها.
والقسم الثالث (١) : قياس علة من أصل واحد كالعلة في الربا على اختلاف القائسين في علة الربا.
وفي هذه الجملة خلاف من وجوه :
أحدها : مع البراهمة في إنكارها شرائع الأنبياء عليهمالسلام. والكلام يأتي عليهم في باب إثبات النبوات.
والثاني : مع الخوارج في إنكارها حجة الإجماع والسنن الشرعية وقد زعمت أنه لا حجة في شيء من أحكام الشريعة إلا من القرآن ولذلك أنكروا الرجم والمسح على الخفين لأنهما لأنهما ليسا في القرآن وقطعوا السارق في القليل والكثير لأن الأمر بقطع السارق في القرآن مطلق ولم يقبلوا الرواية في نصاب القطع ولا الرواية
__________________
(١) [من القياس الشرعي قياس شبه في فرع بين أصلين متعلق بأكثرهما شبها ، وقياس خفي كالعلة في فروع الربا إذا قيس فيه الفروع ، منها على الحنطة والشعير والتمر والملح والذهب والورق ، وهذه وجوه مدارك أحكام الشريعة على أصول أهل السنة].