ما معنى إرسال نوح إلى قومه؟
(لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) هل نفهم من إرسال نوح إلى قومه ، أن رسالته كانت محدودة بحدود قومه ، فلا تتعداهم إلى غيرهم ، أم أنّ هناك وجها آخر؟ وينسحب السؤال على كل قصّة من قصص الأنبياء الذين تحدّث القرآن عن إرسالهم إلى قومهم ، لا سيّما أولي العزم الذين أرسلوا إلى الناس كافة ـ كما قيل ـ وقد لا ننكر أن هناك رسلا أرسلوا بمهمّة محدودة في الزمان والمكان ، كما نلاحظ ذلك في قصة لوط وشعيب ، ولكنّ هناك أكثر من رسالة وأكثر من رسول لا يتقيّد دورهم بزمن معيّن ، أو مكان معيّن ، فكيف كان التعبير باختصاصها بقوم الرسول؟.
* * *
قوم الرسول هم قاعدة الانطلاق
ربما كان الجواب الأقرب إلى الواقع هو أن قوم النبيّ كانوا يشكلون القاعدة الأولى للرسالة ، والمجتمع الأول للرسول ، فالنبي إنسان ـ ككل إنسان ـ ينشأ في جماعة معينة ، وفي بيئة محدودة ، ولا يملك إمكانيات واسعة للامتداد إلى كل المجتمعات الأخرى ، لعدم توفر الوسائل المادية من إعلامية أو غيرها في تلك المراحل. ولهذا السبب كان لا بد من الأخذ بأسلوب المراحل الذي يهيّئ للرسالة جو الانطلاق التدريجي من مجتمع إلى آخر بطريقة عملية واقعية. ولعلّ من الطبيعي للرسول أن يبدأ من قومه ، باعتبارهم المجتمع الأول للرسالة ، الذي تتناسب ملامح شخصية الرسول مع ملامحه العامّة ، وتتجمّع فيه المعطيات الواقعية للبداية من حيث اللغة التي يتحدث بها ، والعلاقات الحميمة التي تربطه بهم ... وغير ذلك من الأمور التي تساهم