تمثل نظام الحياة الزمني الممتد في كل أجواء الكون (يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) وأودع فيها قوانينها الثابتة التي تمثل سننه في الكون (مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ) حرّم فيها القتال بين الناس ليعيش الناس بعضا من الأوقات في حالة سلم وهدنة ، ليتنفسوا فيها الهدوء والطمأنينة ، وليتخففوا فيها من أثقال الحرب ، وليفكّروا فيها في الأسباب التي دعت إلى النزاع والخصام ، وإثارة أجواء التنازع والتقاتل ، وليرتاحوا من ذلك ، فيقودهم الشعور بالراحة إلى التأمل في عواقب الحرب والسلام ، وليوازنوا بين هذه وتلك ليخرجوا إلى النتائج الإيجابية الحاسمة التي تثبّت لهم أقدامهم على طريق الخير والنجاح.
* * *
قيمومة الدين الإسلامي
(ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) الذي بدأ الله تشريعه منذ عهد إبراهيم عليهالسلام ، وامتدّ في حياة الناس ، وتعمّق في وعيهم ، واستمرّ في ممارساتهم ، حتى أصبحت له حرمة التقاليد الثابتة في كل أوضاعهم ، فلم يجرأ أحد على مواجهته بالإلغاء ، أو بتجاوز حدوده ، في الوقت الذي ابتعدوا فيه عن كثير من حدود الإيمان وتشريعاته. وقد أقرّ الله هذه الشريعة وأراد للمسلمين في دعوة النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يأخذوا بها باعتبارها الدين الثابت الذي لا يتغير ، لأنه لا ينطلق من حالة طارئة قابلة للزوال تبعا لزوال ظروفها المحيطة بها ، بل من حالة عميقة في عمق المصلحة الإنسانية ، ممتدّة بامتدادها ، لأنّها مما يقوم به أمر حياتهم ، ويثبت به توازن أوضاعهم. فمن أخذ به ، فقد أخذ بالسبيل الأقوم الذي يصلح به أمر معيشته ، ويرفع به مستوى أمنه وسلامته ، ومن ابتعد عنه وانحرف عن خطّه ، فقد ظلم نفسه ، وأساء إلى طبيعة السلام في حياته ،