المستقيم أو المنحرف في مواقف الحساب في اليوم الآخر بين يدي الله. ثم هي للمجاهدين في سبيل الله الذين يقدّمون كل ما يملكون من مال وجاه وحياة ، من أجل استقامة الحياة على درب الله في كل القضايا التي تتحرك في آفاقها ، وذلك هو الذي يحقق للحياة أهدافها الكبيرة التي يريدها الله لها ، ويدفعها إلى الأمام ، والذي يرفع مستواها إلى آفاقه. وهذه هي القيمة الكبيرة للإنسان في ما تؤكده من إنسانية الإنسان ورساليّته ، ولا مجال للمقارنة بينها وبين أيّ عمل من الأعمال الأخرى التي قد تكون وجها من وجوه الخير ، ولكنها لا تمثل الامتداد والعمق في حياة الإنسان ، وفي مصيره.
ولعل هذا الخط في تأكيد القيمة الروحيّة الإنسانيّة ، وعدم اعتبار الأعمال الاستعراضية أساسا للقيمة ، يبعد الكثيرين ممن يريدون تأكيد إيمانهم وروحيتهم من خلال القيام بأعمال عمرانيّة للمساجد أو للمؤسسات الخيرية أو توزيع الصدقات ، ويحاولون من خلال ذلك أن يتخذوا لأنفسهم موقعا متقدما في الساحة الاجتماعيّة ، وربما يعملون ، أو يعمل أتباعهم ، على تفضيلهم على العاملين في خط التغيير الفكري والاجتماعي والسياسي ، من الجذور الضاربة في عمق الواقع الإنساني ، على أساس هدى الله المنطلق من رسالاته. وقد نستوحي من هذا الخط القرآني ، النهج العملي الذي يمنع الكثيرين من هؤلاء الاستعراضيين أن يخدعوا المجتمع عن واقعهم المزيّف بالمشاريع الخيرية البارزة ، وذلك عند ما يفهم المجتمع القرآني أن مثل هذه الأمور لا تمثل قيمة في نفسها إلا بمقدار ما تكشف عنه من روح طيّبة ونيّة صالحة.
* * *
الأفضلية عند الله للإيمان والجهاد
(أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِ) ممّا كان يفعله البعض من سقي الحجاج الماء في