التوحيد في خط المنهج
(أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ) هذا هو الأساس في دعوة الرسول بما تتضمنه من معنى الربوبيّة التي تفرض العبادة ، وبما تحتويه من معنى التوحيد الذي يدفع إلى الإخلاص ، فإذا كان الله هو الرب الخالق المنعم ، فلا بد أن تعبده المخلوقات شكرا لنعمه ، واعترافا بعظمته ، وإذا كان هو الواحد الذي لا إله غيره ، فلا بد أن تتوجه العبادة إليه ولا تتوجه إلى غيره.
ومن خلال ذلك يلقى الإنسان النتائج الإيجابية في الدنيا والآخرة ، على خط الالتزام في العقيدة والعمل ، والنتائج السلبية على خط الانحراف ، لما تمثله حياة الإنسان الذي يعبد الله ـ انطلاقا من حركة الفكر إلى حركة الالتزام ـ من خضوع لله ، في خدمة الحياة وتنميتها ، وتطويرها على الصورة التي يرضاها الله ، في مقابل ما يمثله سلوك الإنسان الذي يعبد الشيطان حيث تتحرك به حياته في أجواء الفوضى والعبث والقلق والتمرد ، على كل قيم الحياة الكبيرة ، وتلك هي قصة العبادة الحيّة المتحركة المنفتحة على كل النشاطات الفكرية والعملية للإنسان في الحياة التي تجعل الزمن كله في خدمة الله ، في ما يريد النبيّ أن يدعو إليه وأن يثيره في أذهان الناس ليقرّبهم إلى الحياة من خلال قربهم إلى الله ، في عملية إنذار بالعقاب ، وبشارة بالثواب.
(إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ) في ما أوحاه من رسالاته ، وفي ما سنّه من شرائع أحكامه ، في ما ينتظركم من خير في الدنيا والآخرة ، إذا سرتم في صراطه المستقيم ، وما ينتظركم من شرّ في الدنيا والآخرة ، إذا انحرفتم عنه واتبعتم سبل الشيطان ، وهذا هو عنوان الدعوة وطابع الرسالة ، أمّا خطّ السير وحركة العمل فخطواته ، (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ) لينطلق الخطّ الجديد من موقع التراجع النفسي والعمليّ عن الخطوط المنحرفة ، حيث كانت الخطى تضطرب ،