على الدفاع عنهم بما يملكه من وسائل قد لا تثبت أمام ما يملكونه من القوّة والكثرة المسيطرة ، لذا شعر بالحرج عند ما جاءه هؤلاء في ما حدّثنا الله عنه.
(وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ) لما كان يخافه من مشاكل قد تعترض هؤلاء الضيوف ، أو تعترضه في الدفاع عنهم ، إلى درجة إحساسه بعدم الرّغبة في استقبالهم كيلا يقع في هذا الحرج المخجل أمامهم. وهذا هو سرّ شعوره بالسوء عند ما استقبلهم (وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) بما تعبّر عنه الكلمة من العجز عن إيجاد منفذ أو مهرب. فقد تحوّلت المسألة عند قدومهم ، إلى أمر واقع لا مجال معه للتخلّص منهم ، ولا بد له من مواجهة الموقف بكل سلبيّاته ومشاكله (وَقالَ هذا يَوْمٌ عَصِيبٌ) أي شديد ، لأنه سيواجه فيه قومه ، بصراع عنيف سيخوضه ضدّهم دفاعا عن ضيوفه الذين جاءوا إليه في صورة غلمان مرد يتميزون بالجمال المثير ، وأخذ ينتظر اللحظة الحاسمة ، التي اعتادها من سلوك قومه.
* * *
استخدام كل الوسائل لمواجهة الانحراف
(وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ) ويندفعون نحوه بسرعة ، فقد شاهدوا هؤلاء الضيوف وتنادوا للحصول على هذه الوليمة الشهيّة ، بطريقة عدوانيّة تتوسل الهجوم على بيت لوط ، حتى إذا لم يستطيعوا الحصول عليهم بالحسنى ، عمدوا إلى استخدام أسلوب القوّة ، ووسيلة العنف ، (وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ) في ما كانوا يقترفونه من معاص ومنكرات ، ويقومون به من أنواع الفحشاء ، فهم معتادون على ذلك ، ولا يجدون حرجا في الإعلان عن رغباتهم الشريرة ومقاصدهم الفاحشة ، ولهذا جاءوا بمثل هذا الأسلوب الهجوميّ ، ولم يخجلوا من الإعلان للوط عن رغبتهم في ممارسة الفحشاء مع ضيوفه.