المدد الإلهي
وأسقط في يديه ، فقد استنفد كل الوسائل ولم يحصل على نتيجة ، ووقف موقف العجز والضعف ، بعد أن اجتمع الكل ، للضغط على موقفه ، ولم يبق من يمكن أن يستعين به من الناس ، فبدأ يتحدث بلغة التمني اليائس : (قالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً) فيكون لي من بينكم الجماعة المؤمنة التي أستعين بها على دفع الشرّ عن ضيوفي ، (أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ) ، أي عشيرة مانعة قوية تقف معي في مواجهتكم ، بما تمثله العشيرة من حماية لأفرادها وما يتعلق بهم من أهل وضيوف ، ووقف موقف الحائر الذي لا يملك أيّة وسيلة للدفاع.
وجاءه المدد من الله ، وتدخّل الملائكة الذين كان مظهرهم يوحي بالضعف مما يغري هؤلاء القوم بالانقضاض عليهم ، دون أن يملك لوط أمر الدفاع عنهم ، وأعلنوا عن صفتهم الملائكية للوط ، وأوضحوا له دورهم الإلهي في إنزال العذاب بقومه : (قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ) ولن يقدروا أن يصيبوك بسوء ، فلا تحمل هم إحساسك بالضعف تجاههم ، لأنك قوي بالله الذي بسط عليك حمايته ، فلن تحتاج ـ بعد ذلك ـ إلى قوّة ذاتيّة من نفسك ، أو من قومك ، أو من عشيرة مانعة تحميك ، وعليك أن تعدّ نفسك للخروج من البلد ، وتنفذ التعليمات الموجّهة إليك لتحقيق النجاة لك ولأهلك.
(فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) أي قطعة منه ، أو بعض منه ، (وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ) وهو كناية عن الانطلاق بعزم ، لا مجال فيه للالتفات والانصراف عنه (إِلَّا امْرَأَتَكَ) التي كانت على نهج القوم في كفرهم وضلالهم ، كما كانت تتعاون معهم ضدّك فتخبرهم بمن يأتي إليك ، وتسهل لهم مهمة الاطلاع على أسرارك ، (إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ) من العذاب لأنها منهم ، فلا