من تسويلات الشيطان الذي يريد أن يقودكم إلى السير في خط الظلم والأنانية والضلال ، (إِنِّي أَراكُمْ بِخَيْرٍ) في ما أغدقه عليكم من النعم الوافرة ، من المال ، وسعة الرزق ، وخصب الأرض ، وما إلى ذلك ، مما يجعلكم بغنى عن هذه اللعبة الشيطانية ، التي تتوسلونها للحصول على الزيادة عن حقكم ، وسلب الآخرين حقّهم ، لأن من يحتاجون ذلك هم الذين يعيشون في ضيق من الحال ، الأمر الذي يوحي بأنكم تنطلقون في ذلك من موقع عقدة الطمع لا من موقع الحاجة ، (وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ) وهو يوم القيامة الذي يحيط فيه عذاب الله بكم من كل الجهات ، فلا مجال للهرب ، ولا منفذ للخلاص ، فلا بد لكم من التفكير بالقضية من زاوية أمر الله ونهيه ، عند ما تفكرون بالمسألة.
* * *
الخلل الاقتصادي يفسد توازن المجتمع
(وَيا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيالَ وَالْمِيزانَ) فللناس حقّ في أن تؤدّوا إليهم ما يستحقونه كاملا من دون نقصان ، تماما كما تفكرون في حقوقكم على الناس عند ما تتبايعون وتتشارون ، فتطلبون منهم أن يؤدوا إليكم حقكم وافيا بجميع جهاته ، (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ) لأن ذلك يعتبر نوعا من أنواع السرقة والخيانة ، فإنك إذا بعت إنسانا شيئا ، فإن البيع يوجب ملكيته له ، فإذا أنقصت منه جزءا ، فإنك تكون سارقا له ، كما لو كان قد اشتراه من غيرك لأن النتيجة واحدة ، (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) أي لا تفسدوا في الأرض ، ولا تمارسوا أعمال الخيانة حال كونكم مفسدين ، في مقام التأكيد على النهي عن الفساد.
إن من المفروض على الإنسان المؤمن الذي يوحّد الله في العبادة ، أن