يخضع له في ما يفرضه الخط الإلهي التشريعيّ ، وقد أراد الله للإنسان أن يعتبر الدور الموكول إليه هو إصلاح الأرض بنشر العدل والأمانة والخير والسلام ، قولا وفعلا ، فإذا مارس الفساد في نشاطاته العامة والخاصة ، فإنه يكون قد خان دوره أمام الله. وهكذا أراد شعيب من قومه أن يتحركوا ضمن هذا الخط الذي ينهاهم عن الفساد ، وأبرز مظاهره ، أي التطفيف في المكيال والميزان باعتبار أن الخلل الاقتصادي في الأمة ، يفسد توازن المجتمع ، ويفقده أساس الثقة ، بنسفه القاعدة الأخلاقية التي ترتكز عليها حركة الاقتصاد ، ولا يبقى هناك أيّة ضمانة للطمأنينة والسلام ، وعلى هذا الأساس فإن التطفيف لا يمثل بنفسه خطورة كبيرة ، إلا بما يكمن خلفه من خلل في القاعدة الأخلاقية العامة التي يرتكز عليها الفكر والسلوك وقد جاءت هذه الآية تأكيدا للفكرة وتوسيعا لها ، وضربا للقاعدة ، بعد ما كانت الآية الأولى إشارة للجانب السلبيّ منها في إطاره المحدود.
* * *
في المال الحلال بركة
(بَقِيَّتُ اللهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) الظاهر أن المراد من هذا التعبير (بَقِيَّتُ اللهِ) هو ما يحصلون عليه من ربح يزيد على رأس المال ، يعود إليهم من خلال معاملاتهم التجارية ، فإن ذلك هو المال الحلال الذي يجعل الله فيه الخير والبركة ، فينبغي لهم أن يقنعوا به ، ويستمروا في هذا السبيل الذي قام عليه نظام الحياة بين الناس ، حتى يهيّئ الله لهم ، من ذلك ، الكثير من الخير والبركة ، فإن هذا أفضل لهم من السرقة والخيانة وغير ذلك من الأساليب التي تدمر حياتهم ، وتهدّد مصيرهم في الدنيا والآخرة. وهذا هو خط الإيمان الذي