وجودنا بكل عقائدهم وعاداتهم وتقاليدهم ، كمظهر حي للوفاء وللالتزام بخطّ العشيرة بما تمثله من أفكار وأعراف ، تمتد في الحاضر والمستقبل كتاريخ أصيل يصنعه الماضي. وإذا كانت القضية في هذا المستوى ، فكيف يمكن لنا أن نترك كل هذا التاريخ الضخم ، من عبادة هذه الأوثان ، لنستسلم لما تثيره صلاتك فيك من مشاعر ومواقف ، لتأمرك بأن نترك ما يعبد آباؤنا ، فأين هو موقع الصلاة من شخصيتنا كلها ، وأين هي قيمتها من تاريخنا كله؟
* * *
التشريع يحول دون حرية التصرف المطلق بالمال
(أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا) إنك تتحدث إلينا بلغة غير سليمة ، فلا علاقة للصلاة بأموالنا ، ولا علاقة للتوحيد والشرك في ذلك ، ولا علاقة لك أنت بأموالنا التي ورثناها من آبائنا ، أو التي حصلنا عليها بجدّنا وجهدنا وسعينا ، فهي تخصنا وحدنا ، وليس لأحد أن يفرض علينا كيفية التصرف بها ، إننا نملك فيها كل الحرّية التي هي فوق كل أمر ، وفوق كل تشريع.
إن رفض هؤلاء القوم للمبدأ التشريعي الذي يحرّم التطفيف ، يرجع إلى اعتقاد خاطئ ، وهو حرية التصرف المطلق ، في ما يملكه الإنسان من مال ، فليس لأيّ تشريع أن يقترب من هذه الحرية بأيّ نوع من أنواع التضييق والتقييد ، وهذا ما يعبّر عنه احتجاجهم على ذلك بقولهم : (أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا).
وقد كان شعيب منسجما مع القاعدة الإلهية التي لا تعتبر الحرية وعدمها ، إلا بالمقدار الذي يحقق للإنسان مصلحته العامة ، وللحياة توازنها الدقيق ، ولذا كان التشريع يتحرك على أساس تحقيق هذا التوازن عند ما يمنح الحريّة أو يقيّدها ، في ما يحلّل أو في ما يحرّم ، وقد كان التطفيف نوعا من