أنواع الاستغلال الخبيث الذي يجسّد التعدّي على حقوق الناس ، وسرقة أموالهم ، ممّا يسبّب إخلالا بالتوازن الذي تريد الأديان إقامته في حياة الناس ، لجهة تحقيق العدالة في التعامل كضمان لتساوي طرفي المعاملة في الأخذ والعطاء ، تبعا للالتزام العقدي الذي ينظّم الحقوق والواجبات. وعلى هذا الأساس جاء تحريم التطفيف ، منعا للفساد في الأرض.
* * *
من رحم الاقتصاد الحر ولد الاستعمار
وقد نخرج ـ من هذا كله ـ بنتيجة حاسمة ضد كثير من الدعوات التي تبشّر بمبدإ الاقتصاد الحرّ الذي يسمح للإنسان بكل أنواع التعامل ، ما كان منه مضرّا بمصلحة الإنسانيّة ، وما كان غير مضرّ ، ويوفّر للإنسان الحماية القانونية لعمليّات الإفساد السياسي والاقتصادي والاجتماعي التي يمارسها تحت شعار التجارة الحرّة التي تحركها دوافع الربح والخسارة ، بعيدا عن أيّ جوانب أخلاقيّة أو إنسانية.
وهذا ما يتمثل في التفكير الرأسمالي الحديث الذي يشجع الإفساد ، ويحميه في إطار الحرية الاقتصادية التي تعتبر ـ في مفهومهم ـ إحدى ركائز الحرية الأساسية في الكون.
وقد أدّى هذا التفكير إلى إفساح المجال لولادة الاستعمار الذي يستعبد الشعوب ، ويستغلّ ثرواتهم الطبيعيّة ، ويحوّلهم إلى وحدات استهلاكيّة ، لتصريف المنتجات الصناعيّة بكل ما يستلزمه ذلك من حماية التخلّف والجهل والخرافة ، والوقوف بقسوة ، ضد كل نوازع التحرّر والاستقلال السياسيّ والاقتصادي.
وقد كان من نتائجه الكبيرة العمل على إثارة الخلافات الدينية والاجتماعية والإقليمية ، وغيرها ، وتحويلها إلى نزاع مسلّح معقّد طويل ،