في ذاتها عناصر الحتمية إلا من خلال استكمال الشروط الطبيعية في الوجود ، والإرادة الإلهية في حركة الكون كله ... ويبقى للآيات الأخرى الحديث عن طبيعة الواقع الفعلي للشروط ، وعما تقتضيه المشيئة الإلهية من جهة أخرى ، وربما كان هذا المقدار من البحث كافيا في استيضاح طبيعة المسألة في هذه الآية.
* * *
الجمود في العقيدة
(فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ) أي في شك وريب ، (مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ) مهما حاولوا أن يثيروا من القلق في الموقف ، ومن الشك في الفكرة ، لأن الأساس الذي يرتكزون عليه لا يخضع لقاعدة فكرية بل كل ما لديهم من الحجة هو أن آباءهم كانوا يعبدونها ، فهم يقلّدونهم في عبادتهم تلك ، (ما يَعْبُدُونَ إِلَّا كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ) وذلك هو سر الجمود في العقائد والعادات والتقاليد ، لأنّ الأبناء لا يريدون الابتعاد عن خطّ الآباء ، لشعورهم بالغربة الروحية في حال الاختلاف عنهم ، ولكن ذلك لا يعتبر مبرّرا لهم مهما حاولوا إقناع أنفسهم به ، والله سوف يحاسبهم على عبادتهم المنحرفة لأنه قد أقام عليهم الحجة بما يدعو إليه العقل ، ويرشد إليه الوحي ، (وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ) من العذاب (غَيْرَ مَنْقُوصٍ) لأنهم يستحقونه لعنادهم وتكبرهم.
* * *