إننا نستوحي من هذه الآيات وغيرها ، أنّ الله يخاطبه كما يخاطب غيره ، لأنه مسئول عما هم مسئولون عنه ، إلا أنه يختلف عنهم بصفة القيادة الرسالية والحاكمية ، التي تجعل مسئولياته أكثر ثقلا من مسئولياتهم ، ولكنها لا تبتعد عن الخطوط العامة للتشريع في مجال الدعوة والحكم ، ولو لا ذلك لما كان هناك معنى للقدوة التي ترى في سلوكه شريعة ، كما هي الكلمة منه شريعة ورسالة.
* * *
حذار الخلط بين الكفر والإسلام
وهذا ما نريد أن نثيره في حركة العاملين في سبيل الله ، في خط الدعوة إليه ، أو الجهاد ضد الكفر أو الانحراف ، وذلك أن يلتزموا خط الاستقامة في الفكر ، أمام عوامل الانحراف المتنوّعة التي تحاول أن تتجه بالفكر الإسلامي ، إلى خطوط كافرة أو قريبة من خط الكفر ، تحت واجهات غائمة لا تملك من عناصر الأصالة والوضوح الشيء الكثير ، بل تثير ـ بدلا من ذلك ـ الكثير من الشكوك والشبهات التي تخضع لكثير من أساليب الالتواء والانحراف ، وذلك في ما يحاول العابثون من الخلط بين الكفر والإسلام ، في مزيج من الأفكار التي تحمل مضمون الكفر في إطار الإسلام. إنّ عليهم الانتباه إلى ذلك بدقّة وحذر ، لئلا ينحرفوا من حيث يريدون الاستقامة ، فيعطوا الانحراف قداسة الإسلام.
وهذا ما وقع فيه بعض العاملين تحت تأثير المتغيرات الفكرية والسياسية والاجتماعية التي فرضت نفسها على الساحة الإسلامية بدخول بعض التيارات الكافرة والمنحرفة في حركة الواقع ، حيث كان لتلك التيارات تأثير على فكر العاملين وطريقتهم في فهم الواقع والتحرك معه ، فأحدث ارتباكا وتعقيدا في حركتهم ، وأدخل بعض المفاهيم الكافرة ، في صلب منظومة المفاهيم الإسلامية ، كما نلاحظ في تطعيم الإسلام بالديمقراطية والاشتراكية والماركسية