الآيتان
(وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ)(١١٩)
* * *
ولو شاء ربك لجعل الناس أمّة واحدة
(وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً) ، فإن قدرته في خلقهم على الشكل الذي خلق فيه أجسادهم هي قدرته نفسها على خلق الطريقة التي يستخدمون بها عقولهم وأفكارهم ، لأنه قادر على كل شيء يتعلق بهم في أصل الخلق وتفاصيله ، فإذا أراد أن يجعلهم على مستوى واحد في التفكير ليصلوا إلى نتيجة واحدة ، أو ليكونوا ـ في أصل وجودهم ـ على تصور واحد لكل القضايا المتعلقة بالإيمان والحياة ، فهو قادر ، لأنه إذا أراد شيئا فإنه يتفتح على القضية الحاسمة (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [النحل : ٤٠].
(وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ) في ما اقتضته سنّة الله في وجود الإنسان من اختلاف في مستوى التفكير وطريقته ، وتنوّع في التجربة وطبيعة النتائج التي ينتهي إليها كل منهم ، مما يوجب كثيرا من التنازع والارتباك في شؤون الحياة الخاصة