جولة في آفاق السورة
... وهذه سورة مميزة تدور فيها قصة أسرة من أسر الأنبياء ، فتجد فيها ما تجد في المجتمع الذي يحيط بها من ألوان التناقضات في الأخلاق والسلوك ، وتحسّ معها بالوداعة الصافية ، التي تصطدم بالتعقيد النفسي المليء بالحسد ، وتلتقي عندها بالشخصية النبوية الهادئة التي تتحسس الخير في داخلها ، وتحاول أن تنشر على من حولها معانيه ، في مواجهة أفعال البشر التي تتعمّد الإساءة إلى الخير ، لتشير لهم بأن الخير هو الأصل في الإنسان ، وهكذا نستوحي منها ، أنّ البيئة الخيّرة ليست السبب الوحيد لصنع الإنسان الخيّر ، كما أن البيئة الشرّيرة ، في المقابل ، ليست السبب الوحيد لصنع الإنسان الشرّير ، فيمكن للعوامل الأخرى أن تتدخل سلبا أو إيجابا في صنع الشخصية الإنسانية مما يفرض على العاملين في خط التغيير ألّا يستريحوا للجوّ الإيجابي الذي يحيط بالمجتمع ، ويعتبروه ضمانة ضد ظهور الاتجاه السلبي في الواقع ، كما أن عليهم ألّا ييأسوا من الأجواء السلبية ، فيمتنعوا عن العمل في الاتجاه الإيجابي المضاد.
ونلاحظ من خلال شخصية النبي يوسف عليهالسلام في هذه القصة ، كيف يثبت الإنسان المؤمن الذي يعيش صفاء الإيمان ووداعته في مواقف الاهتزاز ، على الرغم من الضغوط النفسية والمشاكل الداخلية التي تتحدى صبره وإيمانه وصلابته ، أمام ما يلاقيه من تعسّف واضطهاد ، وما يواجهه من إغواء وإغراء ، وذلك بلجوئه إلى الله في موقف الشدة ، والاستعانة بإيمانه في