وصفاء روحه ، وجلس عنده يقص عليه رؤياه الغريبة التي أثارت في نفسه القلق لما تشتمل عليه من جوّ يوحي بالسموّ ، ولكنه حافل بالغموض ، فأراد من أبيه الذي أكرمه الله بالنبوّة أن يفسّر له اسرار هذه الرؤيا ، ليوضح له معالم المستقبل من خلالها ، وربما كان يعتقد ، أنها رؤيا صادقة فحاول أن يعرف طبيعتها ، وربّما كان حائرا بين هذا النوع من الرؤيا الصادقة ، أو الرؤيا الحالمة ، فأحب أن يجلو كنهها ، كأيّ إنسان في مثل عمره الذي كان يلتقي بأوائل الشباب.
* * *
الحدس النبوي
(إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ) يعقوب : (يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) من هذه الكواكب المتناثرة في السماء ، (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) كما يسجد الناس للشخص العظيم تحية واحتراما وخضوعا. فما معنى ذلك؟ وما مداه؟ وكيف يمكن أن تسجد هذه المخلوقات الكونية العظيمة لبشر مثلي؟! وما موقعي من ذلك كله؟!
ويستشرف يعقوب بحدسه النبويّ مستقبل ولده يوسف من خلال هذا الحلم العجيب ، فيرى فيه شخصا عظيما يسمو على أهله بالمكانة والمنزلة ، إلى مستوى يشعرون معه بأن عليهم أن يتعاملوا معه كما يتعاملون مع الملوك العظام ، الذين كانت تقاليد ذلك العصر تفرض على الناس أن يقدموا لهم فروض الاحترام بطريقة السجود.
* * *
حسد الإخوة
على أن يعقوب كان يعرف أن أولاده الآخرين يحسدون يوسف على ما