يتميز به عنهم من جمال وذكاء ووداعة وصفاء ، وعلى ما له من المنزلة عند أبيه ، كنتيجة لما يملكه من هذه الصفات وغيرها التي أهّلته للمعاملة المميّزة ، وكان يخشى على يوسف منهم ، لأن العقدة التي كانوا يشعرون بها تجاهه قد توحي إليهم بالتآمر عليه ، والتخلّص منه إذا تحدث إليهم عن رؤياه ، وفهموا منها مستقبله الكبير الذي قد يقفون فيه موقف الخاضع الحاسد له عند ما يصبح غدا في موقع رفيع يفوقهم ، ولأن الحسد يدفع أصحابه إلى الكيد للمحسود وأذيته بشكل مباشر ، وليس عبر تسليط عين الحسد كما يعتقد الناس عموما. فأحبّ يعقوب تحذير يوسف من أن يقصّ رؤياه عليهم في ما أوحاه له من مستقبل باهر ينتظره ، يجعله في موقع الكيد من إخوته.
* * *
عقدة الشيطان
(قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ) لأنها توحي لهم بتفوقك عليهم في مستقبل عمرك ، فقد يستوحون منها ما استوحيت ، من أنهم هم الكواكب التي تسجد لك ، (فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً) ، فيسعوا إلى هلاكك ، ليمنعوا ما ينتظرك من مستقبل مشرق ، ظنا منهم أنهم يستطيعون تغيير ما يريد الله له أن يكون ، وهذا ما تسوّله لهم أنفسهم الأمّارة بالسوء الغارقة في ضباب الأوهام والأحلام الكاذبة ، والواقعة تحت تأثير أفكار الشرّ والجريمة التي يبثها فيهم الشيطان ، من خلال العقدة المتأصّلة بالذات التي يتعامل معها بطريقة تزيدها تعقيدا ، ويزيد بالتالي في ضلال الإنسان الذي يستسلم له فيحركه في اتجاه معصية الله ، ليفسد عليه حياته ، ومصيره ، فيقوده إلى عذاب الله في الآخرة ، وتلك هي العقدة الشيطانية التي بدأت بخروجه من دائرة رحمة الله ، لامتناعه من السجود للإنسان الأول المتمثل بآدم ، فكانت عقدته الكبيرة ، أن يجرّ ذريته إلى النار ليكون مصيرهم ومصيره واحدا ، على غرار ما يفعله الأعداء مع