أعدائهم (إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ) في مقاصده ووسائله.
* * *
يوسف عليهالسلام وبداية المسيرة
وهكذا بدأت المسيرة التي أرادها الله ليوسف على طريق النموّ الفكريّ والروحيّ الذي يمهّد له السير في طريق الأنبياء الصالحين الذين يربّيهم الله على خطّ هداه ، من خلال المعاناة الجسديّة والروحية التي يواجهون فيها عملية تدريب يوميّة ، تقوّي إرادتهم ، وتوسّع آفاقهم ، وتفتح لهم نوافذ التفكير على أكثر من جانب من جوانب الغيب والحياة. وقد كانت رؤيا يوسف بداية طيبة له ، تفتح له باب التفكير في آفاق هذه الرؤية الواقعية ، وفي كيفية النفاذ إلى المواقع المميّزة في حياة الناس ، كما سنرى ، في ما يأتي من قصة يوسف ، وهذا ما أراد الله أن يوحي به إلى يوسف في بداية أمره ، في ما خاطبه به ، وفي تنمية إحساسه الداخلي في ما ألهمه الله منه ، أو في إخبار أبيه له ، أو في ما يقترب من ذلك.
(وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ) فيمن يجتبيه من عباده ، ويصطفيه منهم ، (وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) وتفسيرها في ما يستشرف به الناس أمور المستقبل من خلال أحلامهم ، (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ) بما يغمرهم به من لطفه ورحمته ، وبما يفتحه لهم من أبواب الخير ، أو ينزل عليهم من وحيه ورسالته ، أو يخرجهم منه من ضيق وعسر ، (كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ) اللذين خصهما الله بكرامة الرسالة والقرب إليه ، (إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) فهو الذي يعلم الغيب كله ، لأنه هو الذي خلق المستقبل كله ، وهو الذي يجري الأمور كلها ، على وفق حكمته في العطاء للعباد والمنع عنهم ، في المجالات المادية والمعنوية.
* * *