ذاتية ، بل من حالة عقلانيّة روحيّة لا تبتعد عن خط الرسالة في السلوك الذاتي ، أو في السلوك العام ، لأن دور النبيّ أن يكون القدوة في كل شيء ، لأنه يمثل الرسالة في حياته كما يمثلها في كلماته ، من خلال التكامل بين الكلمة والفعل في حركة الرسالة والرسول.
وقد يحدث ذلك للعديد من الأبناء الذين يستسلمون للعلاقة الطبيعية بين الأب وولده التي قد تتحرك في تفاصيل الحياة في أجواء التبدّل الطبيعي في البيت العائليّ ، فلا يشعرون بالهيبة تجاه الأب التي يشعر بها الآخرون. وربما قادهم ذلك إلى فقدان التأثّر بالجوانب الأخرى من شخصية الأب ، أو عدم الشعور بقدسيتها وعظمتها ، فينعكس ذلك على نظرتهم إليه في مشاعره وسلوكه ، بعيدا عن التعمّق في طبيعة ذلك كله.
* * *
الخطة الشريرة
وبدأت الخطة الشريرة تتفاعل في تفكيرهم ، وقرروا التخلص منه بأيّة طريقة ممكنة ، لأن ذلك هو السبيل إلى أن يستقلوا بعاطفة أبيهم عند ما ينسى يوسف ويتقرب من جديد إليهم ، لملء الفراغ العاطفي الأبوي لديه ، وهكذا طرحوا المسألة على بعضهم البعض.
(اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً) ليضيع في التيه ، أو ليموت في الجب ، أو لتأكله السباع ، (يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ) فلا يجد أمامه غيركم فيتجه بكل عاطفته إليكم. إنها الفكرة المسيطرة على أذهان الجميع ، بحيث كان كل واحد يقولها لإخوته ، ونلاحظ أنهم لم يتحدثوا عن أخ يوسف ، ولم يفكروا بالتخلص منه ، لانصراف العاطفة الجياشة تجاه يوسف ذي الميزات الجسدية والروحية ، أما أخوه ، فقد كان موقعه من حديثهم كونه الأخ الشقيق ليوسف ، ومن المعلوم أن يوسف لم يكن شقيقهم من ناحية الأم ، التي اعتبروها مسئولة عن هذا العطف