ولقد همت به .. وهمّ بها
(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ) في اندفاعها نحوه ، من أجل أن تحتويه بكل ما لديها من عاطفة وشهوة وإغراء في حركة ضاغطة ، مشبوبة من موقع الضعف الأنثويّ الغريزيّ الذي لا يرتكز في الجانب الآخر من الشخصية على قاعدة من العقل والإيمان اللذين يمكن لهما أن يحقّقا حالة من التوازن والانضباط. وهكذا رأت أن الظروف الصعبة التي يعيشها هذا الغلام الجميل الذي وضعته الأقدار تحت سلطتها ، تساعدها على تحقيق أغراضها الغريزية منه ، فيستسلم لسلطتها وإغرائها (وَهَمَّ بِها) في حالة شعورية طبيعية ، يتحرك فيها الإنسان غريزيا من دون تفكير ، لأنّ من الطبيعي لأيّ شاب يعيش في أجواء الإثارة أن ينجذب إليها ، تماما ، كمن تتحرك غريزة الجوع في نفسه بكل إفرازاتها الجسدية عند ما يشمّ رائحة الطعام ، وهذا أمر يلتقي فيه المؤمن بغير المؤمن ، لأنه من شؤون الإحساسات الغريزية للجسد ، ولكن القضية تتناول الموقف الذي يحدّد للإنسان شخصيته من مواقع الإيمان والالتزام ، أو مواقع الكفر والانفلات. وهكذا نتصور موقف يوسف ، فقد أحسّ بالانجذاب نحوها لا شعوريا ، وهمّ بها استجابة لذلك الإحساس ، كما همّت به ، ولكنه توقّف وتراجع ، ورفض الحالة بحزم وتصميم ، لأن موقفه ليس متعمدا ، كما هو موقفها ، ليندفع به نحو النهاية ، كما اندفعت هي ، ولكن انجذابه الجسدي كان يشبه التقلص الطبيعي ، والاندفاع الغريزيّ.
* * *
الموقف اليوسفي
إنها لحظة من لحظات الإحساس ، عبّرت عن نفسها ثم ضاعت وتلاشت