هل في الآية ما ينافي العصمة؟
لقد تحدث المفسّرون كثيرا عن تأويل هذه الفقرة لما لها من علاقة بعصمة يوسف ، معتبرين أنه قد لا يكون نبيا آنذاك ، ولكن رأي الكثيرين ، أن العصمة تسبق النبوّة ، كما تلحقها أو ترافقها ، ويرى بعض آخر أن النبي إذا لم يكن معصوما قبل البعثة ، فمن الطبيعيّ أن يكون ذا مناعة أخلاقية لا تسقط أمام أيّة حالة من حالات الإغراء ، لأن مسألة النبوّة ليست وظيفة تتعلق بالدعوة ، بل هيّ مسألة تتصل بالعمق المتأصّل في روحية النبيّ من قوّة الشخصية تؤهله للقيام بمهمّة تغيير العالم.
هذا بالإضافة إلى شهادة الله له ، بأنه من عباده المخلصين في آخر الآية ، مما يفرض أن يكون الإخلاص لله في العبودية ، سرّا مركوزا في شخصيته ، لا حالة طارئة عليها.
ولكننا في الوقت الذي نلتقي مع هؤلاء في جوّ الفكرة ، مع بعض التحفظات في تفاصيلها ، نعتقد أن العصمة ، أو المناعة الروحية ، أو القوة الأخلاقية ، لا تتنافى مع الحالة الإنسانية التي تخضع لعوامل التأثر الطبيعيّ الإنسانيّ بالرغبة والرهبة ، بل إن كل ما تؤمنه ، هو الالتزام الفكري والروحي والعملي بالخط المستقيم ، فلا ينحرف في موقف ، ولا يسقط في تجربة ، أما التهاويل والخطرات ، والمشاعر ، فهي أمور طبيعية ، لذلك فلا مجال لإثارة الشبهة حول موقف يوسف ، كما يظهر في الآية ، مما يدفع إلى كثير من التأويل والتكلّف الذي يبتعد عن المضمون الحقيقي لها.
* * *
يوسف عليهالسلام ينصرف عن السوء
(كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ) بما يلهمه الله لعباده من فكر ،