الملك والسلطة ، وقد يطرح البعض تساؤلا حول العمق الذي ينتهي إليه الماء : هل هو الأرض ، أو شيء آخر؟ وإذا كان هو الأرض ، فما المراد من الأرض التي تأخّر خلقها عن الماء؟ هل هي اليابسة التي يقف الماء على حدودها ، أو ماذا؟ ونحن لا نريد أن نخوض في تفاصيل ذلك ، لأننا لا نملك علمه ، فلنترك أمره إلى الله ، كما تركنا كثيرا من الأمور التي لا طريق لنا إلى معرفتها إلا من خلال وحيه.
* * *
الإنسان وغاية الخلق
(لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) فتلك هي الغاية من خلق الإنسان في ما توحيه كلمة خلق السماوات والأرض ، أو تتضمنه من خلق إنسان في نطاق ذلك ، وتحديد خط السير له في ما يريده الله ، من عمارة الأرض على حسب ما خطّطه الله ، لتكون الحركة المتنوعة موضع اختبار وابتلاء وامتحان له ، في طاعة الله في ما أمره به ، أو نهاه عنه ، وفي معصيته له ، وليدفع الناس إلى التسابق في العمل الأفضل ، والكلمة الأحسن ، والخلق الأرحب ، والفكر الأعمق ، والنتائج الفضلى ، في ما يبني الحياة على أساس العلم والخير والتقوى ، ويرفع مستوى الإنسان ويجعل من نظام الحياة القائم على جهد الإنسان وإرادته ، مثالا للنظام الكونيّ المتناسق ، ليتحقق التناسب الذي أراده الله بين انضباطية الإنسان ونظامية الكون.
وهكذا نفهم أن ربط الحديث عن خلق السماوات والأرض ، بإثارة التسابق نحو العمل الأحسن ، ينطلق من الدور المميّز لموقع الإنسان في عملية الخلق هذه ، ومن تحمله المسؤولية بعد أن تحدد للخلق معناه على مستوى الغاية التي تخرجه من العبثيّة الجامدة.