تبرير الانحراف
وهنا جاء دور امرأة العزيز لتدافع وتبرر علاقتها المنحرفة بيوسف التي عرضتها لهجوم هؤلاء النسوة ، (قالَتْ فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ) فإذا كنتن قد فقدتنّ شعوركن وإراداتكن وعقولكنّ أمام النظرة الأولى لهذا الملاك الجميل ، فما حال المرأة التي تعيش معه في البيت في كل أوقاتها ، في خلوة كاملة ، توحي لها بكل إغراء الحرية ، أمام إغراء الجمال ، فهل عليّ لوم إن فعلت ما فعلت ، أو ثارت عواطفي تجاهه ، إنها التجربة الصعبة التي لا مثيل لها ، فالنيران تلهب مشاعري وأحاسيسي وغرائزي كالجحيم ، دون أن أتمكن من إطفائها ، بل أعاني الشعور بالحقارة أمام نظرته المتعفّفة الورعة المتعالية عن الإغراء التي ترفض كل هذا الجمال الذي أقدّمه له ، وتستهين به ، وتحتقره ، كما يثير فيّ الرغبة التي تشتد أمام الامتناع من جهة أخرى.
* * *
يوسف عليهالسلام بين ضغوط الإغراء والتهديد بسجنه
وربما شعرت أن حديثها يضعها في موقف الضعف ، فكيف يمتنع هذا العبد عليها ، وهي السيدة المالكة له ، المسيطرة عليه ، وكيف يرفضها وهي التي تساقط كل الرجال تحت أقدامها؟ ولهذا أرادت أن تستعرض قوتها أمامه ، وأمامهنّ ، لئلا يحتقرن موقعها منه فقالت: (وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ) من الخضوع لرغباتي وشهواتي ، (لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ) بما أملكه من تأثير على زوجي وعلى أولي الأمر ، يتيح لي الضغط لإدخاله السجن حيث يشعر بحقارة موقعه ، ويعرف حقيقة قدره ، فيقف عند حدوده ، ولا يتمرّد على أسياده ، ولا يتعالى على رغباتهم في وقفة عزّ وكبرياء.