السجن أحب من ارتكاب المعصية
(قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) من ارتكاب الفاحشة ، والخضوع لتأثير الإغراء ، لأن السجن مع رضاك ، أفضل عندي ، وأحب إليّ ، من الحرية واللذة والمتعة مع معصيتك ، لأن في رضاك سعادة الروح في الدنيا والآخرة ، وفي غضبك ، شقاء الروح في الدنيا والآخرة. إنني أقف بين سعادة الأبد في خط الطاعة مع ظلام السجن ، وبين شقاء الأبد في حركة المعصية ، في نور الحرية ، فأرى في السجن السعادة ، وفي الحرية الشقاء ، فأعنّي ـ يا رب ـ على بلوغ رضاك ، وقوّ إرادتي لتقف في ساحة محبتك ، وامنعني من أن أقارف معصيتك. (وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَ) بما تمنحني إياه من قوّة الإيمان والإرادة ، وبما تبعدني به عن أجواء الإغراء ، (أَصْبُ إِلَيْهِنَ) وأمل إلى تحقيق رغباتهن التي قد تستجيب لها رغبتي ، (وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ) الذين خسروا أنفسهم يوم القيامة ، لقاء لذة فانية لا تمثل شيئا في عالم السعادة والخلود.
* * *
بين تكبل الجسد وحرية الروح
وهكذا تتمثل ، في هذا الموقف النفسي الإيماني الروحي المتمرد على أشد أنواع الإغراء ، أروع مواقف الرفض للانحراف ، من أجل أن يستقيم للمؤمن خطّه ، ويتعمّق إيمانه ، ويستمر في حركته الصاعدة إلى الأعلى.
إنه الموقف الذي يوازن فيه الإنسان بين حرية جسده في التحرك في خط الشيطان ، وبين حرية روحه في التحرك في خط الله.