وإذا كان الإنسان مدعوا إلى المبادرة نحو العمل الأحسن ، فإن ذلك لا يمثل الحالة النهائية ، بل يعتبر انطلاقة إيمانية نحو المواقع الجديدة في الآخرة ، ليقف الإنسان هناك عند حدود مصيره ، من خلال طبيعة عمله في الدنيا.
* * *
أساليب الضلال وبيّنات الهدى
ولكن بعض الناس لا يواجهون هذه المسألة بالجدية اللازمة ، في مات يجب أن يفكر الإنسان به ، أو يحاور فيه ، فيعملون على إثارة علامات الاستفهام حوله ، بطريقة السخرية السطحية ، وهذا ما تحدثنا عنه الفقرة التالية : (وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ) ليكون ذلك حافزا للاستعداد الفكري والعملي لهذا المستقبل الجديد المثير للانتباه ، (لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) في ما يمثله السحر عندهم من حالة غيبيّة ترتبط بالقضايا التي لا تتصل بالحسّ ، أو في ما يتمثلونه في شخصية النبي الذي يخبرهم بالغيب ، من شخصية الساحر في مضمون دعوته المرتبطة بالآخرة ، أو في أسلوبه الذي يدهش العقول ويؤثر في النفوس ، ولكن كيف حكموا على هذه الدعوة بالسحر؟ وما الذي يربط بين السحر الذي يمثّل حالة استعراضية ، وبين هذه الفكرة التي توحي بأن هناك عالما آخر ، يحاسب فيه الناس على أعمالهم في هذه الدنيا؟ ليس هناك جواب ولا تعليق إلا أنهم لا يريدون إثارة التفكير ، وامتداد الحوار ، بل كل ما يريدونه هو إثارة الغبار في وجه الدعوة ، لينصرف الناس عنها ، تماما كما يفعل الكثيرون الآن عند ما يحاولون الإيحاء للبسطاء بضرورة الابتعاد عن الفكر الديني ، من خلال وصفه بكلمات «الخرافة» و «الرجعية» و «الابتعاد عن المنهج العملي» ، وغير ذلك من الكلمات التي لا