التي تضغط عليهن وتمنعهن من احتواء مقاومته ، بالأساليب المتنوعة الساحرة ، (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) الذي يسمع دعاء عباده ويعلم ما في داخلهم من صدق الشعور ، ونقاء الروح ، والرغبة في الالتزام.
* * *
ديدن المجتمعات المستكبرة
(ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ) التي تبيّن صدق يوسف في دفاعه عن نفسه ، في براءته من التهمة الموجهة إليه ، (لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ) للخروج من إحراج المجتمع الذي يلاحقهم بالتنديد ، لما يمثله موقف امرأة العزيز من خروج على تقاليد الطبقة الرفيعة التي ترفض الخيانة مع العبد ، وإن كانت تقبلها مع الحر المنتمي إلى الطبقة الرفيعة ، لذا أجمع الكل على التآمر على يوسف والإيحاء بأنه هو من راود سيّدته عن نفسه فامتنعت عنه ، الأمر الذي يحفظ للعائلة الكريمة سمعتها ، ويجعلها ضحيّة لاعتداء أثيم ، وهكذا كان السجن هو الحل للمشكلة الاجتماعية التي عاشوها ، وللفضيحة الكبرى التي كادت تطوق سمعتهم ومكانتهم ، وذلك ديدن المجتمعات المستكبرة ، التي تعمل على حماية القيم الظاهرية الخادعة في سلوك أفرادها بالعمل على إلصاق التهمة بالمستضعفين الذين لا يحترمهم المجتمع ، ولا يجد أيّ حقّ لهم في عيش كريم ، وإرادة حرّة ، وعدالة شرعية ، لأن ذلك هو حق الأحرار ، لا حق العبيد.
وربما كان السجن تنفيذا للتهديد الذي أطلقته ، في وجه يوسف ، وسيلة من وسائل الضغط عليه ليستجيب لها ، ودعت زوجها إلى تنفيذه في البداية ، وتحدثت به إلى صويحباتها ـ في النهاية ـ ليعرف ، من خلال فقدان حريته ، ورفاهية الحياة التي كان يتمتّع بها في بيت سيّدته ، أنّ الانسجام مع رغبتها ، هو الأولى به ، والأفضل له.
* * *