(الدِّينُ الْقَيِّمُ) : هو الدين المستقيم الذي لا عوج فيه.
* * *
السجن ساحة للدعوة
ودخل يوسف السجن بروحيّة الإنسان المؤمن الذي لا يعتبر السجن مشكلة ومأساة ، بل يرى فيه موقع الانتصار على النوازع الجسدية ، وعلى الضغوط الخارجية التي تتحدى فيه إرادة الإيمان ، وقوّة الالتزام. وفي هذا الجوّ كان يفكر بإنّ عليه ألّا يتجمّد في مشاعر الوحشة والفراغ لينتهي إلى حالة كئيبة من الضياع الروحي ، بل أن يستثمر فرص الحركة التي تتيحها الساحة له. وفكّر أنه ليس الوحيد الذي يدخل السجن ، فهناك من دخلوا قبله ، وهناك من سيدخلون بعده ، وفيهم الكافرون والضالون ، وحدّد دوره بأن يستفيد من الأجواء الهادئة التي يعيشها السجين ، والمشاعر البائسة التي يخضع لها ، والآمال الطيبة التي يرجوها في يقظته ونومه ، والحالات النفسية الصعبة التي يحتاج فيها إلى من يساعده في مواجهتها مما يفسح المجال للهدوء في فكره ، والحياد في موقفه ، الأمر الذي يسهل على يوسف عليهالسلام دخول قناعاته وتغييرها على أساس الحق والصواب ، وذلك هو شأن المؤمن الداعية الذي يعيش همّ الدعوة إلى الله ، وهداية الناس إلى طريق الحق ، فلا يترك فرصة إلا ويستفيد منها في حركته نحو الهدف الكبير ، فهو في التفاتة دائمة لما حوله ، ولمن حوله ، وترقّب مستمر للأجواء الملائمة التي تفتح له قلوب الناس وعقولهم على الحق.
(وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيانِ) فتعرّف إليهما ، وتعرّفا إليه ، ونشأت بين الثلاثة صحبة وألفة ، لما تفرضه طبيعة الوجود في السجن من حاجة إلى من