الحكم والعبادة لله وحده
(إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) فهو الذي يحدّد للإنسان خط العبادة ، وخط السير ، فلا يملك أن يختار لنفسه إلا ما يختاره الله له ، بأوامره ونواهيه ، (أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) بما تمثله العبادة من خضوع له في التشريع ، وفي الحكم ، وفي كل شؤون الحياة ، فلا أمر إلا أمره ، ولا حكم إلا حكمه ، ولا شريعة إلا شريعته ، وهذا ما يجعل الشرك في العبادة ، مسألة لا تتعلق بالجانب العبادي التقليدي على مستوى الصلاة والصيام والحج ونحوها ، بل تتعلق بالخط الذي يتحرك فيه الإنسان في حياته ، وما يلتزم به من أحكام ، وما يعيشه من أوضاع وعلاقات ، فمن اختار شريعة غير شريعة الله ، ومنهجا غير منهجه ، وقيادة غير قيادته التي أراد للناس أن يلتزموها ، فقد أشرك بعبادة الله غيره ، لأن هذا الخط يجسّد الخضوع المطلق لله في واقع الحياة بما تعنيه العبادة من معنى الخضوع.
* * *
الدين القيّم
(ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) المستقيم الذي يقوم على إدارة شؤون الحياة والإنسان ، ويحكم كل شيء فيها والذي يتلخّص في كلمة واحدة ، هي إخلاص العبادة لله وحده ، فذلك ما يمثل خط السير من البداية إلى النهاية ، ويحدّد الاتجاه ، في كل صعيد. ومن هنا نعرف أن الدين الذي أراده الله لعباده ، هو الذي يعيش الإنسان فيه مع الله في كل شيء ، بحيث يشعر بالارتباط به في الأمور كلها ، ويلتقي به في كل المواقع ، حتى أن كل العلاقات تمر به ، وكل الشرائع تلتقي عنده ، وتبقى كل التفاصيل خاضعة لهذا الخط في البداية ، وفي خطوات السير ، وفي النهاية ، حيث يبدأ الإنسان منه لينتهي إليه ، دون التواء أو