تكليفا من الملك في ما نستوحيه من التأكيد على مكانته المفضلة لديه ، وإعلانه الثقة بأمانته. وهكذا اقترح يوسف عليه أن يعهد إليه بمسؤولية الجانب الاقتصادي ، لأنه يملك المؤهلات والخبرة التي تمكنه من إنجاح خطته المرسومة لتخفيف الأعباء الثقيلة التي تواجه البلد ، (قالَ اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) وهكذا طلب من الملك أن يعهد إليه أمر حفظ وتدبير الشأن المالي على مستوى الصرف والرعاية ، وإدارة الموارد والمصادر ، بما يملكه من علم ، وكأنّه يريد أن يقول له : إنه سيكون في مستوى الثقة التي وضعها فيه.
وهكذا كان ، فقد عهد إليه الملك إدارة الشؤون الاقتصادية للبلد ، وأصبح بذلك في موقع كبير يستطيع من خلاله ، تحقيق هدفه في إقامة العدل ، ورعاية المستضعفين ، فهو ليس من الذين يزحفون إلى المواقع المتقدمة في المجتمع ، أو في الدولة ، لأجل طموحات ذاتية ، ولو كان يسعى إلى شيء من هذا القبيل لاستطاع تخفيف الكثير من الآلام التي تحملها في السجن ، وفي خارجه كي يبقى في ساحة الإيمان ، بعيدا عن كل أجواء الانحراف ... إنه صاحب رسالة ، ولهذا فإنه يعمل على توفير الامتداد لها في حياة الناس من خلال بعض المواقع المتقدمة في الدولة.
* * *
بين الإصلاح الجزئي والحل الشامل
ونستطيع أن نستوحي من هذا الموقف ، أن بإمكان المؤمنين الاستفادة من بعض الفرص السياسية والاجتماعية التي تمنحهم حرية الحركة ، وتسهّل لهم أمر تطبيق مبادئ الإسلام في بعض مجالات الحياة ، فلا يجب عليهم ـ من وجهة النظر هذه ـ أن ينتظروا إقامة الدولة التي تخطط للساحة كلها ، بل يمكنهم أن يعملوا على سدّ بعض الفراغات ، وحلّ بعض المشاكل ، واحتلال