بعض المواقع ، التي تمكّنهم من إصلاح بعض قضايا الواقع ، لأن الله يريد للإنسان أن يساهم في حل ما يمكن حلّه ، دون انتظار للحل الشامل.
ولكنّ سلوك مثل هذا التوجه ، يتوقف على ألّا تكون فرصة الحل الكامل جاهزة على الطريق ، ولا تحتاج سوى بعض الخطوات التنفيذيّة للوصول إليها ، فإن الموقف حينئذ يتبدل باتجاه العمل على رفع كل الحواجز التي تعيق الوصول إلى الهدف الكبير ، وبذلك يكون الإصلاح الجزئي عملا غير صحيح ، لأنه يعطّل الحركة السريعة نحو تحقيق النتائج الكبيرة ، ويجمّد حالة التوتر الضروري لدفع عملية الوصول. إننا نريد استيحاء هذا المبدأ من قصة يوسف ، في مواجهة الرأي القائل بضرورة الابتعاد عن مؤسسات المجتمع غير المؤمن ، ويؤكد على الثورة الشاملة ، ويرفض الإصلاح الجزئي بقطع النظر عن الظروف التي قد تفرض تأخير الوصول إلى الثورة الشاملة.
* * *
سر العبودية ومكانة يوسف عليهالسلام
(وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْها حَيْثُ يَشاءُ) بما استطاع أن يحصل عليه ـ من خلال العناية الإلهية التي شملت تاريخه ـ من سلطة مطلقة في أمور الدولة ، بحيث أصبحت الأرض ، هناك ، تحت سلطته ، له أن يتحرك فيها حيث يشاء بوصفه حاكما مطاعا يخضع الجميع لإرادته. وتلك هي رحمة الله التي يشمل بها عباده المؤمنين الذين يخلصون له العبودية ، ويلتزمون خط الطاعة ، فلا ينحرفون تحت عوامل الإغراء أو القهر أو التهديد ، (نُصِيبُ بِرَحْمَتِنا مَنْ نَشاءُ) لأن الأمر لله في كل شيء فإذا أراد شيئا تحقق ، (وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) الذين أحسنوا لله القول والعمل ، فأثابهم الله برحمته التي تتسع لكل خير في دنياهم في ما يمكّن لهم من الملك أو في ما يحلّ لهم من المشاكل ، (وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) لأن أجر الدنيا زائل ،