(أَبْرَحَ) : أفارق.
* * *
خطة يوسف عليهالسلام والهدف الكبير
... وأسقط في أيديهم أمام هذا الدليل الصارخ ، والحجة القاطعة ، ولكنهم أرادوا وضع أنفسهم في موقع يميزهم على صعيد مستوى الأمانة والشرف عن أخويهم الآخرين من غير أمّهم لئلا تنزل مكانتهم عند العزيز ، وكأنهم يريدون أن يقولوا له : لقد أتينا إليك في المرة الأولى ، ولم يحدث فيها ما حدث الآن ، لأننا لا نقوم بمثل هذه الأعمال التي قام بها أخونا هذا وأخوه ، الذي سبقه إلى القيام بهذا العمل ، من قبل ، ولكنها إرادتك الحاسمة التي فرضت علينا المجيء به إليك ، دون أن نعرف طبيعة العدوى التي سرت إليه من أخيه. ربما كان هذا ما كانوا يفكرون به عند ما تحدثوا مع يوسف بهذه الطريقة.
(قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ) وحاول المفسرون أن يبحثوا في تاريخ يوسف عن هذه السرقة التي ألصقوها به ، كما لو كانت حقيقة ، ولم يدر في أذهانهم ، أن المسألة قد تكون مجرّد كذبة استثارها حقدهم على يوسف وأخيه ، وعقدتهم التي يحملونها في داخل نفوسهم. وإلّا فما معنى الحديث عن يوسف ، وما المناسبة التي تفرضها طبيعة المشكلة التي يعيشونها في مسألة السرقة ليتحدثوا بهذا الأسلوب؟!
(فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ) وحاول أن يسيطر على انفعالاته التي كاد أن يطلقها لتواجههم بأكاذيبهم ، ولترد لهم الكيل كيلين ، لأنه