وهكذا سيطرت عليه الغفلة ، فلم ينفتح على مخاوف المستقبل ، ولم يتحفظ أمام المفاجآت ، (لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي) انفتحت الحياة أمامي بكل مجالاتها الواسعة ، فلا انغلاق ولا ضيق ، فليفتح المستقبل لي كل أبوابه ، لأن موعد الشروق قادم بكل امتدادات الحياة ، (إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ) ، ليس هو الفرح الهادىء الذي يستمتع بالنتائج الحاضرة بطريقة لا أثر فيها للبطر وللخيلاء ، بل هو الفرح المتحرك بالزهو الاستعراضي المتكبّر ، الذي يعمل على الإيحاء بعظمة الذات ، وسحر الشخصية ، كما أنه ليس الفخر الواقعي الذي يقف أمام حدود القيمة داخل حركة الحياة من حوله ، بل هو الفخر المتعاظم بالمجد الضخم الذي ارتفع إليه من دون بحث عن مواقع القيمة في حركة الحياة الواقعية ، وتلك هي الشخصية المهتزة الواقعة في مهب الريح ، فلا مجال لديها لأيّ استقرار في الفكر والشعور والموقف ، لفقدانها القاعدة الصلبة التي ترتكز عليها في انفعالها بالأحداث ، وفي تأثّرها بالقضايا ، وفي التزامها بالمواقف ، وذلك هو سرّ الضعف في عمق هذه الشخصية القلقة غير المتوازنة.
* * *
الصابر لا يطغيه الربح ولا تصرعه الخسارة
ولكن هناك نوعا آخر من البشر ، يملك الإيمان إلى جانب العقل ، والتركيز إلى جانب العلم ، فهو يفهم الحياة كنوع من الانفتاح والوعي والواقعية ، وبذلك ، فإنه يستطيع الوقوف بعيدا عن الاهتزاز ليثبت على الأرض الصلبة ، المتصلة بالعمق الأعمق من قوّة الحياة في الإيمان .. وهؤلاء هم المؤمنون الصابرون ، الذين انفتحوا على الصبر من خلال الإيمان ، وارتبطوا بالإيمان من خلال مواقع الصبر ، والتزموا بخط العمل الصالح ، على أساس